شخصيات ضيعة ضايعةشخصيات مسلسل الخربة

ضيعة ضايعة والخربة خطان متوازيان لا يلتقيان !

لم يمض عام واحد على انتهاء الجزء الثاني من مسلسل ضيعة ضايعة حتى أعلن المخرج الليث حجو عن بدء تصوير عمل جديد بمشاركة نفس فريق العمل بل بمشاركة نفس الكاتب ولكن سيتم اسناده لشركة انتاج مختلفة! مما تبادر الى ذهن الكثير من المتابعين انه سيكون الجزء الثالث ل “ضيعة ضايعة” وكان العمل الجديد يحمل اسم “رياح الخربة” وفي العام التالي اي في عام 2011 تم عرض العمل الجديد في شهر رمضان المبارك على القنوات التلفزيونة ليتفاجأ الجمهور انه عمل آخر لا يشبه ضيعة ضايعة الا بأسماء الممثلين والكاتب والمخرج عند بداية شارة المسلسل!

في الحقيقة ان مسلسل الخربة هو عمل آخر مختلف تماما عن ضيعة ضايعة من كثير من الجوانب سنقوم بذكرها في هذا المقال, واهم ما يميز العملين هو ان في ام الطنافس الفوقا لاحظنا غياب التكنولوجيا الحديثة تماما ونتذكر انه عندما عثر جودة واسعد على جهاز اللاسلكي اختلفا على طبيعة هذا الجهاز الدخيل هل هو جهاز الكتروني؟ ام راديو ؟ام هاتف حديث ربما يمتلك كاميرا امامية تستطيع التقاط صورهم! في حين ان في مسلسل الخربة لاحظنا ان الهاتف موجود لدى معظم سكان القرية من كبار رجال الخربة وصولا الى راعي العجال “فياض بوقعور” ولا يمكن ان ننسى مشهد توفيق بوقعور وهو جالس على جهاز الحاسوب المحمول الذي يعمل على الشحن وماحدث في تلك اللحظة من موقف طريف بقي عالقا في اذهان المتابعين حتى تاريخ كتابة هذه الجملة!

النقطة الثانية للإختلاف بين ضيعة وضايعة والخربة ان الاول مبطن بالرسائل المقصودة ذات طابع سياسي واجتماعي واقتصادي في حلقات منفصلة تماما فيمكنك اختيار الحلقة التي ترغب بمشاهدتها دون الحاجة لمعرفة ماذا حصل في الحلقة التي سبقتها او ماذا سيحدث بالحلقة التي تليها! في حين ان مسلسل الخربة لا يخلو من الرسائل المبطنة كما عودنا كاتب العمل الدكتور ممدوح حمادة ولكن بحلقات متتالية مرتبطة مع بعضها البعض لايمكن تجزئتها.

في ضيعة ضايعة تدور الاحداث في منطقة “السمرا “الساحلية واهم ما يميز تلك المنطقة هو سحرها الخلاب والمناظر الطبيعية الرائعة التي ادخلها المخرج ضمن العمل كمشاهد اساسية ساهمت بنجاح العمل بشكل كبير, ولهجة سكانها التي تبدو غريبة نوعا ما وتحتاج بعض الكلمات لترجمة كما شاهدنا في اغلب الحلقات! وتعتمد احداث المسلسل بشكل اساسي على شخصيتي جودة ابوخميس واسعد الخشروف في اطار كوميدي هادف, اما مسلسل الخربة فتدور احداثه في قرية “اذكير” في محافظة السويداء في الجنوب السوري وتجري الاحداث بين عائلتين متخاصمتين منذ القدم لسبب غير معروف وتتركز الاحداث على اكثر من شخصية في العمل بشكل اساسي مثل شخصية ابونمر وابونايف و جوهر وتوفيق وملحم وجميل وغيرهم مع عدم التركيز كثيرا على طبيعة تلك المنطقة وما تحتويه من معالم اثرية معروفة لجميع سكان تلك المنطقة, ولم تكن اللهجة مشكلة تحتاج الى اضافة شروحات كما شاهدنا في ضيعة ضايعة.

مسلسل الخربة كان مغامرة غير محسوبة

ومن الأمور التي تحسب لصناع مسلسل ” الخربة ” هي عودة الفنان دريد لحام إلى الشاشة الفضية بعد غياب ليس بالقصير، وهذه المشاركة لا يراها المخرج عودة ويقول ” بنظري النجم دريد لحام لم يغب عن الدراما لأنه حافظ على حضوره الكبير في قلوب الجمهور وأفكارهم، ومشاركته في ” الخربة ” هي استمرار لحضوره الكبير في كل أعماله لأنه نجم يحسن اختيار أدواره وما قدمه من خلال شخصية “أبو نمر” شكّل إضافة كبيرة للعمل سواء من حيث اسمه بحد ذاته أو من حيث أداؤه والذي اتصف بالاتزان، حيث قدم الشخصية بطريقة دريد لحام التي تعتمد المخزون الفني الكبير والمهارة في الأداء” .وباستكمال الحديث عن نجوم العمل يبدو من اللافت ما يمكن اعتباره مغامرة المخرج الليث حجو بالاعتماد على النجم رشيد عساف، وهو الذي يشارك لأول مرة في الأعمال الكوميدية، ووصف حجو هذه المراهنة على عساف بالناجحة قائلاً: “هذه أول مرة أتعامل فيها مع النجم رشيد عساف كما أنني لم أره بأي تجربة كوميدية في السابق، إلا أنني أستطيع أن أقول إنه يمتلك طاقة كبيرة في الكوميديا وكان رهاني عليه في أداء شخصية “أبو نايف” رهاناً ممتازاً وموفقاً، لأنني بعدما رأيته في العمل لا أستطيع أن أتخيل ممثلاً آخر يؤدي الشخصية بهذه الدقة والعفوية” .

ضيعة ضايعة نهاية حزينة والخربة انتهى بالفرح والسرور

يمكن القول ان مسلسل ضيعة ضايعة كان مسلسلا ناجحا بكل المقاييس حتى في نهاية العمل التي ادمت قلوبنا وادمعت عيوننا! ليس على نهاية العمل بهذه الطريقة البشعة بل لاننا بعد عامين اكتشفنا ان المخرج قد اخفى علينا سرا وهو اصابة الراحل نضال سيجري بمرض السرطان وكانت هذه النهاية ضرورية لقطع الطريق على من يفكر مجرد تفكير بإنتاج جزء جديد للعمل, وعلى العكس تماما بالرغم من مشاركة الراحل نضال سيجري في مسلسل الخربة بدور صامت “نعمان” كانت النهاية معبرة ومنطقية تكللت بالفرح والسرور خاصة بعدد تحرر سكان الخربة من هيمنة الفكر الرجعي والسلطة الابوية التي لا تتقبل وجود الاخر! لسبب بسيط ان المؤلف ربما تعلم درسا من نهاية ضيعة ضايعة وكذلك مشاركة الراحل سيجري في الاخراج وليس فقط بالتمثيل حيث كان العمل مشتركا بين سيجري وحجو ربما اراد ان يقول لنا : ان الحياة سوف تستمر حتى لو رحل نعمان!

خطان لا يلتقيان

الخلاصة ان مسلسل ضيعة ضايعة والخربة هما نتاج عمل مشترك بين الدكتور حمادة و المخرج الليث حجو وكل منهما له هدفه الخاص وله طبيعته الخاصة ولا يمكن ان نقول أن ضيعة ضايعة افضل من الخربة ولا الخربة افضل من ضيعة ضايعة! ولا يمكننا اصلا تشبيه العملين ببعض حتى لو كان الفارق الزمني بينهما بسيط , فلا يوجد علاقة بينهما سوى ما ذكرناه في بداية الخبر.

فبعد أن استمتعنا بمناظر الساحل السوري البديع، وبلهجة سكانه النادرة وحكايات أهلها الطيبين في ضيعة ضايعة، ها نحن الآن نشاهد مناظر ريف محافظة “السويداء” بحجارته الفريدة وأرضه الحمراء وسهوله الخضراء، ولا شك في أنّ الكثير من السوريين، فما بالك بالعرب، تعرفوا من خلال مسلسل «الخربة» إلى منطقة لا تبعد عن دمشق أكثر من ساعة بالسيارة، لكنّها عالم آخر بلهجتها وطبيعيّتها وعاداتها وتقاليدها وثقافتها. وكما تمكن ممدوح حمادة من الدخول في أعماق اللهجة الساحلية في مسلسل «ضيعة ضايعة»، فقد برع أيضاً في إعادة الحياة إلى مفردات وعبارات جبلية في السويداء كنا أعتقدنا أنها اندثرت. يا الله كم شعرنا بسعادة غامرة ونحن نستمع إلى الفنانين الكبيرين دريد لحام ورشيد عساف وهما يغرّدان بكلمات قروية من صميم ريف السويداء، مثل «إسّا» (يعني الآن)، و”القلفوني” وهي قطعة من الصابون يستخدمها الرجال كي يثبتوا فيها شواربهم المفتولة كي تأخذ شكلاً معقوفاً. وكم جميل أن نسمع الممثلة الرائعة شكران مرتجى وهي تنادي الدجاجات: “يعيا تيعا” لتناول القمح، وأيضاً وهي تعاير زوجها “جوهر” الذي أدى دوره ببراعة كبرى الفنان الجميل محمد خير الجراح المهووس بلقاء المسؤولين والتقاط صور معهم. وكم ممتع أن نسمع ضحى الدبس وهي تنادي ابنها “يا قبـّاري”، وترهب زوجها باسم ياخور الذي أبدع في دوره المليء بإشارات التعجب والاستفهام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى