زلزال مدمّر يفتح بيت عزاء كبير في سوريا ويوحد الوطن الذي فرقته الحرب.
يوم أسود عاشه الشعب السوري تحت وطأة زلزال مدمّر استمر لاربعين ثانية فقط! ولكنه قتل الالاف وشرد اضعافهم دون تفريق بين مواقعهم السياسية والجغرافية ليتشاركوا جميعا في بيت عزاء كبير من شمال سوريا الذي تسيطر عليها المعارضة الى مدينة طرطوس التي يسيطر عليها النظام السوري.
اصوات العالقين تحت انقاض المباني في مناطق اعزاز وادلب الاكثر تضررا من الهزة الارضية واحياء مدينة حلب ستبقى محفورة في ذاكرة كل مواطن سوري شاهدها لسنوات طويلة قادمة ! لحظات الخوف والرعب التي عاشها سكان ادلب وطرطوس وجبلة وحماة واللاذقية كانت كفيلة بتوحيد ما تبقى من الوطن في مشاعر الالم والحزن والفقدان.
اسوء كارثة طبيعية منذ العام 1939
في فجر يوم الاثنين الموافق 06/02/2023 وفي تمام الساعة 4:17 ص شعر سكان سوريا بهزة ارضية استمرت لمدة 40 ثانية وكانت بقوة 7.8 درجات على مقياس ريختر ! وهو رقم قياسي لم يسجل في المنطقة منذ العام 1939 وكان بقوة 6.8 درجة وتم تسجيل 3 هزات ارضية بقوة 6.2 درجة منذ العام 1970 حيث بلغ متوسط الزلازل التي تتجاوز قوتها سبع درجات على مقياس ريختر أقل من 20 زلزالا على مر التاريخ في كل الكرة الارضية ، مما يجعل زلزال سوريا وتركيا الاخير حدثا خطيرا لم يسبق له مثيل في المنطقة و تسبب في صدع يمتد طوله لما يزيد على 100 كيلومتر بين الصفيحة الأناضولية والصفيحة العربية.
كان مركز الزلزال على بعد 26 كيلومترا تقريبا شرقي مدينة نورداي التركية وعلى عمق نحو 17 كيلومترا عند فالق شرق الأناضول وهو ليس عميقا بما يكفي لتجنب وقوع كارثة بشرية وأطلق الزلزال موجات باتجاه الشمال الشرقي، مما تسبب في حدوث دمار في وسط تركيا وشمال سوريا وصولا الى الساحل السوري.
وفقا لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية يمكن اعتبار هذه الكارثة الطبيعية هي الاعنف منذ العام 1822 حيث تعرضت المنطقة لزلزال بقوة سبع درجات وهي اقل من الزلزال الاخيرة بعدة درجات مما أدى إلى مقتل نحو 20 ألف شخص في ذلك العام المكنوب.
وبالمقارنة مع الزلزال الذي ضرب وسط إيطاليا في العام 2016 بقوة 6.2 درجة وأودى بحياة نحو 300 شخص، فإن الطاقة المنبعثة عن الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا فجر الاثنين 06/02/2023 تزيد بمقدار 250 مرة عن زلزال إيطاليا، وفقا” لجوانا فور والكر” رئيسة كلية لندن الجامعية للحد من المخاطر والكوارث.
ولم يسجل نفس قوة زلزال اليوم سوى زلزالين فقط من أكثر الزلازل فتكا في الفترة من 2013 إلى 2022! وكان اشهرها زلزال نيبال في العام 2015 بقوة 7.8 درجة وقتل اكثر من تسعة الاف شخص.
زلزال سوريا وتركيا الاكثر دمارا لهذه الاسباب
يمكن القول ان زلزال سوريا وتركيا 2023 هو الاكثر دمارا في المنطقة منذ 3 قرون ولا تقاس نسبة الدمار بعدد الضحايا من البشر فهناك دمار في البنية التحتية والثروة الحيوانية والثروة الزراعية , ومن العوامل التي ساعدت على رفع نسبة الدمار هي البناء التقليدي الغير متوافق مع معايير الزلازل اولا وما سببته الحرب السورية من اضعاف للبنية التحتية وتصدع المنازل بسبب القصف الجوي والقنابل شديدة الانفجار التي سقطت بين بيوت السكان المدنيين وبسبب قرب المناطق السكنية من صدع شرق الأناضول هو خط زلزالي عبارة عن كسر في الصخور يؤدي إلى انزلاقات زلزالية تتدافع بموجبها ألواح صخرية صلبة على امتداد خط الصدع الرأسي، مما يؤدي إلى زيادة الضغوط حتى تنزلق إحداها في النهاية في حركة تفضي إلى إطلاق قدر هائل من الطاقة التي يمكن أن تتسبب في حدوث زلزال.
الليلة الاولى بعد الزلزال
لم يتمكن الالاف السوريين من العودة الى بيوتهم بعد الهزة الارضية الكبيرة اما بسبب الدمار الكلي او الجزئي الذي حصل لها وخوفهم من حدوث هزات ارضية ارتدادية وفي الليلة الأولى بعد الزلزال باتت أعداد كبيرة من المدنيين أمام الأبنية المدمرة بحثا عن أقربائهم العالقين، إذ يقدر أن آلاف المدنيين -بينهم نساء وأطفال- لا يزالون عالقين تحت أنقاض مبانيهم ولم تستطع فرق الدفاع المدني الوصول إليهم. وخاصة في الشمال السوري حيث ارتفعت حصيلة ضحايا الزلزال في شمال غربي سوريا (حيث تسيطر المعارضة) إلى أكثر من 810 قتيل وأكثر من 2220 مصاب في حصيلة مرشحة للازدياد بشكل كبير بسبب وجود مئات العائلات تحت الأنقاض!
اما في مناطق سيطرة النظام وحسب معلومات الهلال الاحمر السوري فقد ارتفع عدد الضحايا الى 700 قتيل و 1650 مصاب فيما شككت الامم المتحدة بالارقام الصادرة من الجانبين وتخشى ان يكون العدد 10 اضعاف ما تم اعلانه بسبب وجود عشرات العائلات تحت الانقاض في ظروف جوية سيئة للغاية.
